المدائني عن المفضل بن فضالة قال: بعث ابن هبيرة إلى الحسن والشعبي، فاجتمعا عنده، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك عبد من عباد الله أخذ عهده لهم وأعطوه عهودهم أن يسمعوا له ويطيعوا، وإنه يأتيني منه أمور لا أجد من إنفاذها بدّا، والحسن ساكت، فقال له: ما تقول يا أبا سعيد؟. قال: إنّ الله مانعك من يزيد، وإن يزيدا غير مانعك من الله، وإنه يوشك أن ينزل بك أمر من السماء فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، فلا يوسعه إلا عملك، يا بن هبيرة إني أنهاك عن الله أن تتعرّض له، فإن الله إنما جعل السلطان ناصرا لدين الله وعباده، فلا تركبوا عباد الله بسلطان الله فتذلوهم، وإنه لا طاعة لمخلوق في معصية خالق.
المدائني قال، أتي ابن هبيرة بقوم فأراد ضربهم فقال له عامر الشعبي:
أصلح الله الأمير إن أول من وضع الحبس كان حليما فمر بحبسهم إلى أن تنظر في أمرهم، فقال: صدقت، وحبسهم.
المدائني: لما ولي عمر بن هبيرة العراق أراد الخيانة فخاف وكان صالح بن عبد الرحمن عند يزيد بن عبد الملك، فقال لكاتبه ابن عبدة العنبري: هل إلى صالح سبيل؟. قال: لا والله وكيف وهو أعفّ الناس إلا أن تظلمه، قال: فكيف لي بظلمه؟. قال: إنه كان دفع إلى يزيد بن المهلب ستمائة ألف درهم ولم يأخذ بها منه براءة، فكتب ابن هبيرة إلى يزيد بن عبد الملك، إنّ لي إلى صالح حاجة فإن رأى أمير المؤمنين أن يوجهه إلي فعل، قال: فدعا يزيد صالحا فأخبره فقال: والله ما به إلي حاجة ولقد تركت العراق ولو أتاه أكمه أبكم عرف ما فيه، فكتب ابن هبيرة يذكر ما قبله