وبايع أهل حمص سليمان، وتبايعوا على الموت، واستوثقوا من حائطهم وبنوا ثلمه، فتوجه إليه مروان فلما دنا من حمص جدّد فرسان أهل الشام ممن مع سليمان البيعة على الموت، وجدّدها أهل حمص أيضا وقالوا:
اخرجوا إلى الجعدي فإما قتلنا وإما ظفرنا به، فانتدب منهم ستة آلاف مع معاوية بن عبد الأعلى السكسكي وثبيت البهراني فبلغ ذلك مروان فسار اليهم على تعبئة، وتحرزوا وكمنوا لمروان في الزيتون فلم يشعر وهو يسير على تعبئته حتى ثاوروه فقاتلهم وصرع معاوية بن عبد الأعلى وانهزم الآخرون، وقتل منهم أربعة آلاف، فقال مروان لمعاوية: أنت مطاع في أهل حمص فادعهم إلى بيعتي وأؤمنك. قال: نعم. فأرسله إليهم في خيل وأمرهم أن يحفظوه ولا يفارقوه حتى يردّوه، فأتاهم وهم مشرفون من المدينة فدعاهم إلى بيعته فقالوا: لا ولا كرامة، ولا نبايع لابن زربي الخباز. فقال: إذا لم تفعلوا فابعثوا إلي غلامي ميسرة الأسود وليكن معه ثيابي كلها، وانصرف إلى مروان، فقال للذين كانوا معه: ماذا قال؟، فأخبروه. فقال: أتدرون ما أراد؟. قالوا: لا. قال: إذا أمسيتم فاحملوا السلاح وبيّتوهم واحملوا على الميسرة، فأمر بمعاوية فقطعت يداه ورجلاه وشدخ بالعمد.
وقال بعضهم: إن رجلا من بني مجاشع كان مع مروان يقال له حويّ أسر معاوية بن عبد الأعلى وأتى به مروان فقال: استبقني فإني أشد العرب.
فقال: الذي أسرك أشد منك. وقال مروان:
يا ربّ ابراهيم أمتعنا به … إنّ حويّا نعم ما أبلى به