للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جبال حديد، وإذا عسكر القوم لا يرى طرفاه، فرفعت النار على أجأ، فاجتمعوا فنحروا الجزر، وعملوا النبال والنشّاب، وقالوا: قبح الله أجزع الفريقين من الموت.

قال: فتصافنا فلما رموا بالنبل حملنا عليهم حملة رجل واحد، فما كان إلا كلاّ ولا، حتى قتل الضبابي وانهزم الناس اسوأ هزيمة، فقتلنا وانتهبنا، وكان عسكرهم أكبر عسكر رثة (١)، وأتيت بأمية أسيرا فخلّيت سبيله، وأتيت بجارية له بعد ذلك فبعثت بها إلى المدينة وقلت: لا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح. قال: ثم قرئ علينا بعد ذلك كتاب مروان إليهم يأمرهم فيه إذا نشبت الحرب أن يقتلوا ويسبوا، ولو علمت ما في الكتاب قبل ذلك ما نجا منهم مخبر.

وكتب صاحب المدينة إلى مروان بالخبر فعزم مروان على توجيه عبدة بن رياح الغساني في عشرة آلاف من أهل الشام وقال: أهل المدينة أضعف قوم وأفشله، والأعراب كذلك ما لم يوتروا ويطلبوا الطوائل، فبينا هو على لك إذ كتب إليه ابن هبيرة عامله على العراق بقتل ابن ضبارة وإقبال قحطبة فقال: ما شغلنا عشرة آلاف بأعراب طيّئ، فصرف الجيش نحو العراق، فلم نعط الصدقة حتى استقام أمر الناس واستخلف أبو العباس، والتجأ إلى معدان يومئذ عبد العزيز بن أبي دهيل بن يزيد بن الطفيل بن مالك بن جعفر هربا من الحرب.


(١) حمل من المعركة رثيثا: أي جريحا وبه رمق. القاموس.