ما نحن فيه من الضيق وقد رأيت أن نأتي بلدا يتسع لكم به المعاش، فمن أراد الجهاد فليمض معي، فصبر معه قوم وتفرقت جماعة من الأعراب فلحقوا بأهاليهم، فأتى آذربيجان في أهل البصائر ومعه سليمان بن هشام بن عبد الملك، والمعمّر بن شعبة، وكان ذا بصيرة فيهم، وانصرف مروان عن الموصل وولاها عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة الأزدي، وهو الثبت، ويقال زهير بن الأصم.
وكتب مروان إلى يزيد بن عمر بن هبيرة يعلمه خبر الخوارج، وأن طريقهم عليه، ويأمره بطلبهم وتوجيه الجنود إليهم.
قالوا: ووجّه مروان لطلب شيبان أبو سلمة مصعب بن الصحصح الأسدي في ألف، وشقيقا السلمي في ألف، وصالح بن حبيب في ألف، وعطيف بن بشر السلمي في ألف، وعليهم جميعا عبد الله بن عبد العزيز بن حاتم بن النعمان الباهلي، ووجه ابن هبيرة إليهم خيلا.
وأتى شيبان العراق منصرفا من آذربيجان فنزل المدائن، فقال له المعمّر بن شعبة: حتى متى هذا الروغان؟ فقال شيبان: إن في مطاولتهم غيظا لهم ووهنا عليهم، وخالف المعمر في بعض الأحكام ففارقه وصار مع المعمر عامة أصحاب شيبان. وقال المعمر:
رأيت اليشكري بنا فرورا … فرار العود لجّ به النداد (١)
وأتى شيبان الأهواز ومعه سليمان بن هشام ومنصور بن جمهور، ثم أتى فارس ومنصور معه فكانا مع عبد الله بن معاوية، وندم المعمّر على فراق شيبان، وقال لأصحابه: قد وليته فتولوه فقد صدق ما كان قال.
(١) العود: الجمل المسن، والنداد: الهرب. ديوان شعر الخوارج ص ٢٤٢.