للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليتامى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ﴾ (١) فأمر أمة محمد أعظم من مال اليتيم، مأبون في بطنه وفرجه، حيك له بردان فارتدى بأحدهما واتزر بالآخر، ثم أقعد حبابة عن يمينه وسلامة عن يساره، وقال:

يا حبابة غنيني، ويا سلامة اسقيني حتى ثمل سكرا، وأخذت الخمر مأخذها منه شق ثوبيه، وقد اتخذ بألف دينار بعد أن ضربت فيهما الأبشار، وحلقت الأشعار، وهتكت الأستار، وأخذ ما أنفق عليهما من غير حلّه، ووضع في غير حقه، ثم التفت إلى إحداهما فقال: ألا أطير. بلى، فطر إلى النار، أفهكذا صفة خلفاء الله؟! وقد حضرت كتابا كتبه إليكم هشام في حطمة (٢) كانت، أرضاكم به وأسخط ربه ذكر فيه أنه قد ترك لكم صدقاتكم فزادت الغنيّ غنى والفقير فقرا، فقلتم جزاه الله خيرا، بل لا جزاه الله إلا شرا، فلقد كان بخيلا بماله سخيا بدينه، فهؤلاء بنو أمية، فرق الضلالة، بطشهم بطش جبرية يأخذون بالظنّ، ويحكمون بالهوى، ويقتلون على الغضب، ويقضون بالشفاعة، ويأخذون الصدقة من غير موضعها. ويجعلونها في غير أهلها، وقد بيّن الله أصنافها الثمانية (٣)، فجاء صنف تاسع ليس له منها شيء، فأخذها كلها، فهي الفرقة الحاكمة بغير ما أنزل الله، وأما هذه الشيع فشيع جهلت كتاب الله، وأعظمت الفريّة على الله، لم يقاربوا الناس بعمل بالغ


(١) سورة النساء - الآية:٦.
(٢) الحطمة: السنة الشديدة. القاموس.
(٣) انظر قوله تعالى في سورة التوبة - الآية:٦: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.