العرب وقد أفنيت سراتها ووجوها فتركب إليك سعاتها، قال: فركب الزبير فأصابه أخو بني تميم بوادي السباع.
وقال أصحاب السيرة: لما كان يوم الجمل وهو يوم الخميس لعشر ليالي خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين بعد القتال، انصرف الزبير يريد المدينة، فلقيه النعر بن زمّام المجاشعي فقال: يا حواري رسول الله إليّ فأنت في ذمّتي، وبلغ الأحنف ذلك فقال: ما أصنع إن كان الزبير لف بين غارين من المسلمين فقتل أحدهما الآخر، ثم هو يريد اللحاق بأهله، فاتبعه عمرو بن جرموز بن قيس، أحد بني جشم بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وفضيل بن عابس، ونفيل بن حابس التميميون، فلحقه ابن جرموز فطعنه، فحمل عليه الزبير، فلما ظن أنه قاتله دعا صاحبيه وقال: الله الله يا زبير فأمسك الزبير، فحملا عليه وابن جرموز معهم فقتلوه، واحترز ابن جرموز رأسه، وأخذوا سيفه، فلما أتي به علي قال:
سيف طال ما جلّى به عن رسول الله ﷺ الكرب، ولكنه الحين ومصارع السّوء، فذلك قول جرير للفرزدق:
قتل الزبير وأنتم جيرانه … غيّا لمن قتل الزبير طويلا (١)
قالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل امرأة الزبير، وهي التي كان أهل المدينة يقولون: من أراد الشهادة فليتزوجها، وذلك أنها كانت عند عبد الله بن أبي بكر، ثم عند عمر بن الخطاب، ثم عند الزبير.
غدر ابن جرموز بفارس بهمة … يوم اللقاء وكان غير معرّد
يا عمرو لو نبهته لوجدته … لا طائشا رعش السّنان ولا اليد