وحدثني عبد الله بن صالح المقرئ قال: قال الحجاج لعروة وقد أغلظ لعبد الملك في كلام: يا بن العمياء ألا تسكت، فقال له عروة: يا بن المتمنية، يعني جدته أم أبيه، وكانت كنانية، وهي القائلة:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها … أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج
فسمعها عمر فأخذ نصرا فسيره إلى البصرة، وكان نصر جميلا.
وقال بعضهم: إن المتمنية أم الحجاج الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي. واستودع عروة طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر مالا، وأودع غيره، وشخص إلى الشام، فكان يسأل عن طلحة، فيقال هو يبني الدور ويقسم الأموال، فخاف أن يذهب بماله، فلما قدم كابره قوم على ما أودعهم، وأعطاه طلحة ماله موفّرا، فقال متمثلا:
وما استخبأت في رجل خبيئا … كدين الصدق أو حسب عتيق
ذوو الاحساب أكرم من رأينا … وأصبر عند نائبة الحقوق
وقال هشام الكلبي: أصابت عروة الأكلة في رجله، وهو بالشام عند الوليد بن عبد الملك، فقطعت رجله بميشار وهو يقرأ فما تتعتع ولا تحرك، ولم يشعر الوليد بقطع رجله حتى كويت، وكان ذلك بحضرة الوليد وبقي بعد ذلك ثماني سنين ثم هلك في ضيعة له بقرب المدينة، وكان يقول: لقد أحسن بي ربي أخذ مني واحدة، وترك لي ثلاثا، وامتعني بسمعي وبصري ولساني، وكان له ابن يحبّه فضربته دابة فسقط ميتا وذلك قبل وقوع الأكلة في رجله، فقال حين قطعت رجله صبرا واحتسابا: ﴿لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً﴾ (١).