للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عروة: أعظم من المصيبة سوء العوض وروى ذلك عن عبد الله بن الزبير أيضا.

قال المدائني: عزّى عيسى بن طلحة بن عبيد الله عروة فقال: يا أبا عبد الله ذهب أقلك وبقي أكثرك، فالحمد لله الذي بقي لنا سمعك وبصرك فقال: ما عزاني أحد بمثل ما عزيتني به.

قال: ووقعت الأكلة في رجله، وضرب برذون ابنه فقتله، وقطعت رجله بميشار وحسمت (١) فلم يقبض وجهه، ولم يحرك عضوا منه إلا أنه غشي عليه عند الحسم.

وأتي الوليد بقوم أصيبوا بمصائب عظيمة فقال ائتوا عروة بهؤلاء ليعلم ان مصائب الدنيا كثيرة.

وحدثني مصعب الزبيري أن عروة صلى بالناس يوما، وكانوا مقحطين، فقال لهم: أقنطتم؟ قالوا: نعم قال فتوقعوا الفرج فان الله يقول:

﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (٢).

وكان عروة احتفر بئرا بالمدينة فهي تعرف ببئر عروة، فلم يكن بالمدينة بئر أعذب منها، وفيها يقول الشاعر:

كفنوني ان مت في درع أروى … واستقوا لي من بئر عروة مائي

وقال الواقدي: مات عروة في مال له بناحية الفرع (٣) في سنة أربع وتسعين ودفن هناك.


(١) حسمه: العرق قطعه ثم كواه لئلا يسيل دمه. القاموس.
(٢) سورة الشورى - الآية:٢٨.
(٣) الفرع قرية من نواحي الربذة، بينها وبين المدينة ثمانية برد. المغانم المطابة.