للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يدخل علينا منازلنا، ولا يظن ظانّ أنا هبنا عدونا فيجترئ علينا.

وخرج الناس بجدّ ونشاط. وقال إياس بن أوس بن عتيك: نحن بنو عبد الأشهل، وإنا لنرجو أن نكون البقر المذبح. وقال النعمان بن مالك بن ثعلبة، أخو بني سالم: البقر المذبح قتلى من أصحابك وأنا منهم. وقال رسول الله : «إنّ التثبط عجز، ومع الصبر النصر؛ فاصبروا فإن النصر معكم ما صبرتم».

- قالوا: ونزل ابن أبيّ ناحية من العسكر، وقال له قوم من أصحابه المنافقين: أشرت بالرأي، فلم يقبل منك وأطاع هؤلاء الغلمان الذين معه. فانصرف في ثلاث مائة، وهو يقدمهم كأنه هيق (١)، وقال: ما ندري على ما نقتل أنفسنا. فلحقهم عبد الله بن عمرو بن حرام، أخو بني سلمة في أناس من المسلمين وقالوا لهم: «ويلكم، ألا تستحيون؟ قاتلوا عن بيضتكم، وادفعوا عن حوزتكم». وقال عبد الله بن عمرو: ويحك لم ترض بأن انخزلت راضيا بالمدينة حتى ثبطت من ثبطت معك. فقالوا: لو نعلم قتالا لا تبعناكم، وما أسلمناكم. وأبوا أن يرجعوا. فأنزل الله فيهم:

﴿وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَ قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ،﴾ الآية (٢). وشمت ابن أبيّ بمصاب من أصيب من أصحاب رسول الله ، فقال: أشرت عليه بالرأي فلم يقبله وقبل رأي الصبيان.

- وولىّ رسول الله محمد بن مسلمة بن سلمة الأنصاري الحرس، فكان يطوف حول العسكر وفي أعراضه في خمسين رجلا. وأدلج رسول الله


(١) - في هامش الأصل: الهيق: الظليم. أي ذكر النعامة.
(٢) - سورة آل عمران - الآية:١٦٧.