للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمسلمين فيئهم، مع أني قد أصبت من اللحم واللبن، فانظروا إذا رجعتم عني، فابلغوا ما كان عندنا لعمر، قال: وما كان عنده دينار ولا درهم، وما كان إلاّ خادم ولقحة ومحلب، فلما جيء بذلك إلى عمر، قال: يرحم الله أبا بكر، لقد أتعب من بعده (١).

حدثني أحمد بن هشام بن بهرام، ثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة، قالت: لما مرض أبو بكر مرضه الذي مات فيه قال: انظروا ما زاد في مالي مذ دخلت في الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي فإني قد كنت استعمله وكنت أصبت من الودك (٢) نحوا مما كنت أصيب من التجارة.

قالت عائشة: فلما مات نظرنا فإذا ذلك عبد نوبي كان يحمل صبيانه، وإذا ناضح كان يسقي عليه فبعثنا بهما إلى عمر، قالت: فأخبرتني جاريتي أن عمر بكى، وقال: رحم الله أبا بكر فقد أتعب من بعده تعبا شديدا.

حدثنا سريج بن يونس ووهب بن بقية قالا: ثنا يزيد بن هارون، أنبأ ابن عون عن محمد بن سيرين قال: توفي أبو بكر وعليه ستة آلاف درهم، كان أخذها من بيت مال المسلمين، فلما حضرته الوفاة قال: إن عمر لم يدعني حتى أصبت من بيت المال ستة آلاف درهم، وإن حائطي بمكان كذا منها (٣)، فلما توفي ذكر ذلك لعمر فقال: رحم الله أبا بكر فقد أحب ألا يدع لأحد بعده مقالا وأنا والي الأمر بعده، وقد رددتها عليكم.


(١) طبقات ابن سعد ج ٣ ص ١٩٢ - ١٩٣.
(٢) الودك: الدسم.
(٣) كذا بالأصل، ولعل الأفضل «فيها».