فلما رأى المشركون فعلهم، كرّوا على المسلمين، فانحدر خالد بن الوليد من الجبل في كتيبة، وألحّ المشركون على المسلمين بالحرب وأكثروا فيهم القتل. فلم يثبت مع رسول الله ﷺ إلا خمسة عشر رجلا، فكانوا لا يفارقونه وحموه حين كرّ المشركون. وهم أبو بكر، وعمر، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وأبو عبيدة بن الجراح. ومن الأنصار: الحباب بن المنذر، وأبو دجانة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، والحارث بن الصمة، وسهل بن حنيف، وأسيد بن حضير، وسعد بن معاذ. وكان رافع بن خديج يحدّث أن الرماة لما انصرفوا، نظر خالد إلى خلاء الجبل، وإخلال الرماة بمكانهم، فكرّ على الخيل. واتبعه عكرمة بن أبي جهل.
وبايع رسول الله ﷺ يوم أحد على الموت ثمانية: علي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وأبو دجانة، والحارث بن الصمة، وحباب بن المنذر، وعاصم بن ثابت، وسهل بن حنيف، فلم يقتل أحد منهم، وجعل رسول الله ﷺ يدعو الناس حين انهزموا، وهو في أخراهم، إلى الرجوع. ورمى مالك بن زهير الجشمي رسول الله ﷺ، فاتقاه طلحة بيده فأصاب السهم خنصره فشلت؛ وقال حين أصابته الرمية:«حس». فقال النبي ﷺ:«لو قال بسم الله ولم يقل حس، لدخل الجنة والناس ينظرون إليه». ويقال إن الذي رمى رسول الله ﷺ فأصاب خنصر طلحة: حبّان بن العرقة، وقال حين رماه: خذها وأنا ابن العرقة. فقال له النبي ﷺ:«عرّق الله وجهك في النار». وهو قول الكلبي: وقال ابن الكلبي: هو حبان بن أبي قيس بن علقمة بن عبد، من بني عامر بن لؤي. وأم عبد: قلابة بنت سعيد بن سهم، وهي العرقة، فنسبوا إليها. ويقال إن يد طلحة شلت إلا السبابة