للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرس تهيبوا إخراجه إكراما له ولم يجترؤوا عليه وما كان عليه إلا ريطتان (١) لا يساويان خمسة دراهم وهو في مصلاه، فقيل له: لو قمت. فقال: والله لا أقوم حتى يأتي الوقت الذي كنت أقوم فيه، قيل: فلو سلمت على أمير المؤمنين، فقال: والله لا أقوم إليه.

قال عمر بن عبد العزيز: فجعلت أعدل بالوليد في ناحية المسجد حتى لا يرى سعيد حتى يقوم، فحانت من الوليد نظرة إلى القبلة فقال: ما ذاك الجالس؟ أهو الشيخ سعيد بن المسيب؟ فجعل عمر يقول: يا أمير المؤمنين من حاله وأمره، ولو علم بمكانك لقام فسلم عليك لأنه ضعيف البصر، فقال الوليد: قد علمت حاله، ونحن نأتيه فنسلم عليه، فدار في المسجد ثم وقف على سعيد فقال: كيف أنت أيها الشيخ؟ فوالله ما تحرك له ولا قام، فقال: بخير يا أمير المؤمنين والحمد لله، فكيف أمير المؤمنين وكيف حاله، فقال الوليد: بخير حال والحمد لله، فانصرف وهو يقول لعمر:

هذا بقية الناس، فقال عمر: أجل يا أمير المؤمنين.

وقال الواقدي: قال عمر بن عبد العزيز في شيء: إن الذي سخر الوليد في تجبره وعتوه حتى جاء يمشي إلى ابن المسيب فسلم عليه قادر على أن يسهل هذا الأمر، وقال عمر في شيء حلف عليه: لا والذي صرف عن ابن المسيب شر الوليد، وسخره له ما كان كذا.

قال الواقدي: ومات سعيد بن المسيب في سنة أربع وتسعين وهو ابن خمس وسبعين، ومات علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب


(١) الريطة: كل ملاءة غير ذات لفقين كلها نسج واحد، وقطعة واحدة، أو كل ثوب لين رقيق. القاموس.