فقال إن هذا الرجل قد وقف للناس فلا يتعرضنّ له أحد ولا يؤنبنّه بكلمة، فقد تركنا مجازاته لله وللرحم، وإن كان ما علمته لسيء النظر لنفسه، فأما كلامه فلا أكلمه أبدا.
حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن محمد بن عبد الله الزهري عن ابن شهاب الزهري قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول، وقيل له: هذا هشام بن اسماعيل موقوف للناس: الله بيني وبينه، فقال له محمد ابنه: خلّ بيننا وبينه، فقال له سعيد: لا تعرض له فإنك إن فعلت لم أكلمك أبدا.
قال الواقدي: وأرسل هشام بن اسماعيل إلى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي: اكفني ابن المسيب فإنه رجل حاله عند الناس على ما علمت، فقال أبو بكر: لن يأتيك منه شيء تكرهه أبدا، قال: إنه حقود. قال أبو بكر: أما الحقد فهو فيه، والذي صنعت به غير خارج من نفسه أبدا ولكنه لن يعرض لك ولا لأحد منك بسبيل فكان كذلك.
قال الواقدي: وكلم هشام بن عبد الملك الوليد في هشام بن اسماعيل وهو جده أبو أمه فانتهره واغلظ له، ثم أجابه بعد فصفح عنه، وحج الوليد وهو خليفة سنة احدى وتسعين فأتاه أبو بكر بن عبد الرحمن بذي خشب، وقد كفّ بصره، فقال له: قد غمني عناؤك على حالك هذه، فقال: إن تبرّني يا أمير المؤمنين فقد كان أبوك يبرني، فقال: إنما أقبل وصية أبي فيك، ولقد سمعته يقول: لربما أردت بأهل المدينة سوءا فما يمنعني منه إلاّ الحياء من أبي بكر.
ودخل المسجد ومعه عمر بن عبد العزيز فجعل ينظر إلى بنائه، وقد أخرج الناس من المسجد فما بقي أحد إلاّ سعيد بن المسيب، وذلك أن