دعيت للخير تكسلين، ويحك لم تقولين في الدنيا قول الزاهدين، ولا تعملين للآخرة عمل الراغبين، يا نفس أترجين أن يرضى وأنت لا ترضين، مالك إن سألت تكثرين، وإن أنفقت تقترين، ترجين الآخرة بغير عمل وتؤخرين التوبة بطول الأمل، وإن ابن آدم إذا سقم ندم، وإذا صح أمن، وإذا افتقر حزن، وإذا استغنى فتن ايرغب ولا ينصب فيما يرغب، ويرجو السلامة، ولم يحذر البلاء، ويح لنا ما أغرّنا، ويح لنا ما أغفلنا، ويح لنا ما أجهلنا، ويح لنا ماذا يراد بنا، ويح لنا إن ختم على أفواهنا وتكلمت أيدينا وشهدت أرجلنا، ويح لنا حين تفشو أسرارنا وتستفتى جوارحنا، وتشهد علينا أجسادنا، فيومئذ لا براءة عندنا ولا عذر لنا، لنا الويل الطويل إن لم يرحمنا ربنا. ربّ ما أحكمك، وأمجدك، وأجودك، وأرأفك، وأرحمك، وأعلاك، وأقربك، وأقدرك، وأقهرك، وأوسعك، وأفضلك، وأبينك، وأنورك، وأناك وأحضرك، وألطفك وأخبرك، وأحكمك، وأشكرك، وأحلمك، وأكرمك. ربّ ما أبلغ حجتك وأكثر مدحتك، رب ما أبين كتابك، وأشد عقابك، وأحسن مآبك وأجزل ثوابك، ربّ ما أسنى عطاءك، وأجلّ ثناءك رب ما أحسن بلاءك، وأسبغ نعماءك، ربّ ما أعظم سلطانك وأوضح برهانك، رب ما أمتن كيدك، وأغلب أيدك، رب ما أعز ملكك وأنفذ أمرك، رب ما أعظم عرشك، وأشد بطشك، رب ما أسرع فرجك وأحكم فعلك، رب ما أوفى عهدك، وأصدق وعدك، رب ما أحضر نفعك، وأتقن صنعك، عجبا كيف تعظم في الدنيا رغبتي، وقليل ما فيها يكفيني، أم كيف يشتد فيها حرصي ولا ينفعني ما تركت منها بعدي، وكيف أؤثرها وقد ضرّت من آثرها قبلي، أم كيف لا أبادر بعملي