قبل أن يغلق رهني، أم كيف تقرّ عيني مع ذكر ما سلف مني، فاغفر لي، واجعل طاعتك همي، وقوّ عليها عزمي، ولا تعرض عني يوم تعرضني بما سلف من ظلمي وجرمي، وآمنيّ يوم الفزع الأكبر حين لا يهمّني إلاّ نفسي.
وحدثنا أحمد بن ابراهيم، ثنا يحيى بن معين عن الحجاج بن محمد عن المسعودي عن عون بن عبد الله أنه قال: يا بني كن ممن نئي به عمّن نئي عنه بغنى ونزاهة ودنوّه ممن دنا منه بلين ورحمة، ليس نأيه بكبر وعظمة، ولا دنوّه بخدع وخلابة، يقتدي بمن قبله وهو إمام من بعده، ولا يعجل فيما رابه، ويعفو إذا تبيّن، يغمض في الذي له ويزيد في الحق الذي عليه، ولا يعزب حلمه ولا يحضر جهله، الخير منه مأمول والشر مأمون، إن زكّي خاف ما يقولون واستغفر لما لا يعلمون، يقول: ربي أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي من غيري، فهو لا يغرّه ثناء من جهل أمره ولا ينسى إحصاء شيء من عمله، يستبطئ نفسه في العمل ويأتي ما أتى من الصالحات على وجل، إن عصته نفسه فيما كرهت لم يتّبعها فيما أحبّت، يبيت حذرا ويصبح فرحا حذرا من الغفلة، وفرحا لما أصاب من الفضل، لا يحيف للأصدقاء ولا يجنف على الأعداء، ولا يعمل الخير رياء، ولا يدع شيئا منه حياء، يصمت ليسلم، ويخلو ليغنم وينظر ليفهم، ويخالط الناس ليعلم، مجالس الذكر مع الفقراء أحبّ إليه من مجالس اللّغو مع الأغنياء، ولا تكن يا بني كمن تغلبه نفسه على ما نظر ولا يغلبها على ما يستيقن، يتمنى المغفرة، ويعمل بالمعصية، طال به الأمل ففتر وطال عليه الأمد فاغترّ، وأعذر إليه فيما عمّر، وليس هو فيما عمّر بمعذر، إن أعطي لم يشكر ما أعطي ويبتغي الزيادة فيما بقي، يحب الصالحين ولا يعمل عملهم ويبغض المسيئين وهو