للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وكان النبي دعا على مضر، فقال: «اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم ابعث عليهم سنين كسني يوسف». فتوالى القحط عليهم سبع سنين حتى هلكوا. وفي ذلك نزلت: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ﴾ (١).

فلما رأى حاجب ما نال الناس من الجهد، جمع بني زرارة، ومضى حتى أتى إياس بن قبيصة عامل كسرى على الحيرة ومن يليها من العرب، وقيل إنه أتى كسرى نفسه، وقيل إنه أتى رئيس الأساورة الذين على حد العرب والعجم فشكا إليه ما هم فيه من الجهد وإشراف الأموال على العطب، فقال: إنكم معشر العرب أهل حرص وغدر، فإن أذنت لكم في المقام بأطراف الريف لم آمن إفسادكم البلاد وإغارتكم على الرعية.

قال: فإني ضامن لأحداثهم. قال: ومن لنا بذلك؟ قال: أرهنك قوسي هذه. فضحك قوم من الأعاجم فقال إياس، أو الفارسي: إنه والله لا يدعها ولا يؤثر على الوفاء شيئا إذا رهنها، فقبلت منه القوس، ودخلوا الريف، ودعا رسول الله للعرب لما شكوا إليه جهدهم فأخصبت البلاد ونزلت السّقيا وارتفع القحط.

وقد مات حاجب وارتحلت العرب إلى بلادهم، فارتحل عطارد (٢) بن حاجب إلى كسرى لطلب قوس أبيه، فقال كسرى: ما أنت بالذي وضعتها. قال: أجل، ولكن أبي هلك وقد وفى له قومه، ووفى للملك:

فقال: ردوها عليه، وكساه حلة، ثم إنه وفد على النبي فأسلم وأهدى


(١) سورة الدخان - الآية:١٠.
(٢) بهامش الأصل: عطارد بن حاجب، .