للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفرزدق: أما سمعت قولي في ذلك؟ فقال الحسن: وما قولك؟ فأنشده:

ولست بمأخوذ بلغو تقوله … إذا لم تعمد عاقدات العزائم (١)

فسكت الحسن ثم جاء رجل فقال: يا أبا سعيد إنّا نكون في هذه المغازي فنصيب المرأة ذات زوج أفيحل غشيانها ولم يطلقها زوجها؟ فقال له الفرزدق: أما سمعت قولي:

وذات حليل أنكحتها رماحنا … حلالا لمن يبني بها لم تطلّق (٢)

فسكت الحسن.

وحدثني بعض أشياخنا قال: دخل الفرزدق على عبد الملك، ويقال سليمان بن عبد الملك، فقال له: صف لي النساء ما بين عشرين إلى مائة سنة، فأنشأ يقول:

متى تلق بنت العشر قد نضّ (٣) … ثديها

كلؤلؤة الغواص يؤنق جيدها

وصاحبة العشرين لا شيء مثلها … فتلك التي يلهو بها من يفيدها

وبنت الثلاثين الشفاء حديثها … من الموت لم تهرم ولم يذو عودها

وإن تلق بنت الأربعين فغبطة … وخير نساء الأربعين ولودها

وصاحبة الخمسين فيها بقية … لنائكها إن شاء صلب عمودها

وصاحبة الستين قد رق جلدها … وفيها متاع للذي قد يريدها

وصاحبة السبعين لا خير عندها … ولا لذة فيها لمن يستفيدها

وذات الثمانين التي قد تحشفت … من الكبر المفني ولاح وريدها


(١) ديوان الفرزدق ج ٢ ص ٣٠٧.
(٢) ديوان الفرزدق ج ٢ ص ٣٨.
(٣) نض الماء: سال قليلا قليلا، والقربة من شدة الملء انشقت، والنض: الإظهار. القاموس