الصخابة، السليطة السبابة، الخفيفة الوثابة، المخوف غيبها، الكثير عيبها، التي تعجب من غير عجب، وتغضب من غير مغضب، فحليلها لا ينعم باله، ولا تحسن حاله، إن كان مقلا عيّرته بإقلاله، وإن كان ذا مال لم ينتفع بماله، فأراح الله منها أهلها، وأما الداء العياء فجار السوء الذي إن كلّمته بهتك، وإن قاولته شتمك، وإن غبت عنه سبعك، فإذا كان ذلك جارك فخلّ له دارك، وعجل منه فرارك، وإن رضيت بالدار فكن كالكلب الهرار، وأقرّ له بالذل والصغار. قال: صدقت أنت ضمرة بن ضمرة حقا، وجعله من حدّاثه وسمّاره، ودفع إليه إبلا كانت له، فكانت في يده، وهي هجائنه، وهجائن النعمان ابنه بعده ورثها من أبيه، وكانت من أكرم الإبل، كانت حمرا سود المقل، فأغار يزيد بن الصعق الكلابي على تلك الهجائن، وهي يومئذ للنعمان وكانت في يد ضمرة فأغار ببني دارم على يزيد فاستنقذ الإبل إلا لقائح يسيرة، وأسر قيس بن يزيد حتى افتداه يزيد بباقي الإبل وبمائة من الإبل من عنده سواها، فقال ضمرة:
وطوفوا حولها وتمصروها … فسوف يصيب غرتها الكفيل
إذا عضّ الأسار يمين قيس … لدى أبياتنا شفي الغليل
وكان ضمرة نذر ألا يشرب خمرا، ولا يمس دهنا، ولا يغسل رأسه حتى يدرك ثأره فقال:
الآن ساغ لي الشراب ولم أكن … آتي التجار ولا أشد تكلمي
ومشت نساء كالنعام عباهل … من بين عارية الشتاء وأيّم
لعب الرماح ببعلها فتركنه … في صدر معتدل القناة مقوّم
وجاءت طائفة من بني عطارد إلى ضمرة فمنعهم وأحسن جوارهم حتى