للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلاّ أنه وقع ظنه على غنيّ وكلاب، ثم إنه بعد أشهر أمر أمرأة حازمة من قومه وكانت لسنة شديدة أن تأخذ لحما سمينا فتقدّده، وتخرج به إلى بني عامر، وغنيّ فتعرض ذلك عليهم وتقول إني زوجت ابنتي وأنا أبتغي لها طيبا وثيابا ففعلت، ثم إنها وقعت على امرأة للغنويّ فقالت لها: إن كتمت عليّ أعطيتك حاجتك وأخبرتها بأمر شأس وأعطتها مسكا وثيابا، وباعتها ذلك بما معها من اللحم والشحم، وخرجت العبسية حتى أخبرت زهيرا بالأمر، فركب زهير فقدم على غني فقال لهم: إنكم قتلتم شأسا ابني فقالوا: ومن قتله فأخبرهم، فقال: اما أن تحيوا شأسا أو تمكنوني من غني كلها حتى أقتلها به، أو تنصبوا الحرب بيني وبينكم، فقال خالد بن جعفر بن كلاب، وكان نازلا يومئذ في غني، وهم أخواله، أما شأس فقد علمت أنا لا نقدر على إحيائه، وأما غني فإنهم أحرار كرام لا يرضون بها، ولكن الثالثة من إقامة الحرب بيننا وبينك، فلو كنت المطالب بهذا لم تعط، وإن السّلم أمن ومسننة، فارض بقاتل ابنك أو ديته، وكان قاتله مستخفيا في ردهة يأوي إليها، فلم يرض زهير. وحمل وقومه من بني عبس عليهم، فاقتتلوا قتالا شديدا فأكثر زهير القتل في غني وبني عامر، ثم إن خالد بن جعفر وزهير بن جذيمة التقيا بعكاظ فجرى بينهما كلام فقال خالد: يا زهير وددت أني عقدت يديّ وراء عنقك فلا نفترق حتى يكون الطّول لأحدنا، فحرض قومه وقال:

بكيت على شأس وأخبرت أنه … بماء غنيّ آخر الليل يسلب

وجعل خالد يجمع لبني عبس وقال:

أديروني إدارتكم فإني … وحذفة (١) كالشجا تحت الوريد


(١) حذفة: فرس خالد بن جعفر. القاموس.