ثم غزا خالد بني عبس وألفافهم، فالتقت الخيلان، فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم إن خالد وصل إلى زهير، فحمل كل واحد منهما على صاحبه، واضطربا بسيفيهما، ثم تعانقا فخرّا بين فرسيهما، ووقع زهير تحت خالد، فأقبل ورقاء بن زهير فضرب خالدا على رأسه ضربة نبت على رأسه، وأقبل حندج بن البكّاء بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، واسم البكّاء معاوية، فضرب رأس زهير بن جذيمة، فدخل فيه السيف فقتله، وقال ورقاء:
رأيت زهيرا تحت كلكل خالد … فأقبلت أسعي كالعجول أبادر
إلى بطلين ينهضان كلاهما … يريدان حد السيف والسيف نادر
ثم إن خالد بن جعفر علم أنه مطلوب بدم زهير بن جذيمة، فخرج ومعه أخوه عروة بن جعفر، وهو الذي يقال له عروة الرحال، حتى قدم على النعمان بن المنذر، فاستجاراه فأجارهما وضرب لهما قبة، وكان بعض البصريين يقول: إن المجير لهما الأسود بن المنذر، والأول أثبت.
وان غطفان تناظرت فيما تصنع، فقال لهم الحارث بن ظالم المري عليكم بحرب هوازن فقوموا بها، على أن أقتل خالد بن جعفر بن كلاب بزهير بن جذيمة، فخرج الحارث حتى قدم على النعمان فدخل عليه وعنده خالد وأخوه عروة، وهم يأكلون تمرا، فقال له خالد: يا أبا ليلى إن عندك يدا ينبغي أن تشكرها، فقال الحارث: وما هي؟ قال: قتلت زهيرا