للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما سمعته قال شيئا، إلا أنه لم يزل ضاحكا، وقال قيس:

أينجو بنو بدر بمقتل مالك … ويخذلنا في النائبات ربيع

وكان زياد قبله يتقى به … شبا الدهر إن يوم ألم فظيع

لعل ربيعا يحتذي فعل شيخه … وما الناس إلا حافظ ومضيع

فلما بلغ الربيع هذا الشعر بكى على مالك ورفع صوته والجمانة تسمع قول جدها فقال:

منع الرقاد فما أغمض حار … جلل من النبإ العظيم الساري

من مثله تمشي الناس حواسرا … ويقوم معوله مع الأسحار

من كان مسرورا بمقتل مالك … فليأت نسوتنا بوجه نهار

يجد النساء حواسرا يندبنه … يضربن حرّ الوجه بالأحجار

يخمشن حرّ وجوههنّ على فتى … سهل الخليقة طيب الأخبار

وقد كنّ يخبئن الوجوه تستّرا … فاليوم حين برزن للنظار

أفبعد مقتل مالك بن زهير قد … ترجو النساء عواقب الاطهار

ما ان أرى في قتله لذوي النهى … إلا المطيّ تشدّ بالأكوار

ومسومات ما يذقن علوفة … يقذفن بالمهرات والأمهار

وفوارس صدأ الحديد عليهم … فكأنما طلي الوجوه بقار

حتى نثير بذي المريقب منكم … بدرا ونشفى من بني صبار

قتلوا ابن عمهم وجار بيوتهم … غدرا بغير دم ولا أوتار

في أبيات، فروت الجمانة الشعر وأنشدته أباها، فأتى قيس الربيع فاعتذر إليه، وقال له: إنه لم يهرب منك من لجأ إليك، ولم يستغن عنك من استعان بك، وقد كان لك شر يوم، فليكن لك خير يوم، وإنما أنا بقومي