وغطفان وأشجع، واحتشدت عبس، وسبق بنو عبس إلى ماء العقبة فجعلوه وراء ظهورهم. ومشت السفراء بين ذبيان وعبس، وعرضوا عليهم الصلح. فأبى ذلك حذيفة، وقال: لا والله أو أشرب من ماء العقبة، فقال قيس: هذه منه مكيدة وخدعة إنما يريد الغلبة على الماء، وقال حمل لأخيه:
قد شمئتنا، والذي يعرض عليك القوم خير من القتل، وأتي بماء العقبة فشربه تبرّة بيمينه وانصرفوا ذلك اليوم وهم على الصلح، فسمع حذيفة امرأته تبكي يزيد ابنه في جوف الليل وهي تقول:
أيقتل واحدي قيس ونرضى … بعقل النّاب منه والفصيل
وتلبس يا حذيفة ثوب عار … وخزي ما حييت فما تقول
فأسف حذيفة، وأغار على بني عبس. ثم جمع لهم وجمعوا له فلما صارت بنو ذبيان ببعض أرض الشرية وجدوا أموال عبس ونسلهم هناك وقد قدّمها قيس والربيع للمكيدة ليشتغل بها القوم ثم يكرون عليهم، فلما رأوها لا دافع عنها أكبّوا عليها فأخذ حمل بن بدر ابنة الشريد، وهي أم قيس بن زهير فرمت بنفسها فماتت، ثم عكر العبسيون فتقاتلوا دون الهباءة وذلك في يوم قائظ شديد الحر، ثم حجز بينهم الحر، فتراجع بعضهم عن بعض، وأصبحوا فاقتتلوا ثم تحاجزوا فقال قيس بن زهير: عليكم بالهباءة وهي بئر، ويقال بركة فلنتّخذنّ مصفّراته مستنقعا فيها، فقصدوا للهباءة، فأتى حذيفة رباياه وكان فيهم فيما يقال عيينة بن حصن وهو يومئذ غلام فقالوا: قد أتتك بنو عبس وكان مستنقعا في الجفر أو البركة. ومعه في الماء حمل بن بدر، وعدة من بني ذبيان فلم ينقض الكلام حتى وقف قيس على شفير الجفر وهو يقول: لبيكم لبيكم، للصبية الذين قتلهم حذيفة، فقال حمل: