يا بن أخي انطلق معي أهب لك نبلا، فمشى معه شيئا، ثم قال:
لا حاجة لي في نبلك. ثم لقي تأبط أمه بعد فقال: والله ما أقدر عليه.
واجتنب تأبط الزرقاء سنوات ثم قال له تأبط: يا بن أخي هل لك في الغزو؟ قال: نعم. فخرج معه غازيا بلاد الأزد لا يرى له غرّة حتى مرّ ليلا بنار هي نار ابني أم قرفة الفزاريين وكانوا في نجعة فلما عرف تأبط لمن النار، وعرف شرارة من عليها، أكبّ على رجله وقال للغلام: إني قد لدغت وأخذ برجله وصاح: واثكلاه النار النار، فخرج الغلام يهوي حتى أتى النار فوثب عليه ابنا أم قرفة فقاتلهما جميعا فقتلهما، ثم أخذ جذوة من النار، وأقبل نحو تأبط فلما رأى تأبط النار يهوي بها نحوه ظنّ أن الغلام قد قتل واتبعوا أثره، ووافاه الغلام ومعه النار وقد اطّرد إبلا لابني أم قرفة فقال لتأبط: لقد غررت بي مذ الليلة، فقال له: إني ظننت أنك قد قتلت. فقال: لا والله ولكني قتلت الرجلين. ويقال ان الرجلين ابنا قترة من الأزد، قال تأبط: فالهرب من موضعنا، فأخذ به تأبط غير الطريق فقال له: قد ضللنا، ولم يلبث أن رجع إلى الطريق وما سلكها قط ثم نام. قال تأبط: فرميت بحصاة فانتبه وقال: أسمعت ما سمعت؟ قلت: نعم، فقمنا نطوف بالإبل ثم فعلت مثل ذلك مرات، فلما كان آخر مرة غضب وقال: فوالله لئن أيقظني شيء كائن ما كان ليموتنّ أحدنا فتركته فنام حتى إذا استيقظ قال: ألا تنحر جزورا فنأكل منها؟ قلت: بلى ففعلنا ذلك وأكلنا، ثم سرنا وأراد الغائط فأبعد فأبطأ عليّ جدا فاتّبعت أثره فأجده مضجعا على مذهبه وإذا رجله منتفخة كأنها زقّ، وإذا هو ميت، وإذا هو قابض على رأس أسود، وإذا هو والأسود ميتان. فقال تأبط يرثيه: