حديثه، فلما فرغ أقبل على الحجاج فسأله، فقال الحجاج: إن هذا الشيخ شيخ مبارك معظم لحقّ أهل القبلة، ناصح لأهل الملة، صاحب سنّة واستقامة ونصيحة للعامّة، فعليكم به، فاحضروه واشهدوا مجلسه، فإن مجلسه مجلس يعرف فضله وترجى عاقبته، فلولا الذي ابتلينا به من الشغل وبالقيام بحق الرعية وسياستهم لأحببنا مشاهدتكم وحضوركم، ثم ما لبث أن جاءت سفرة وأطعمة وأشربة. فطعمنا، ثم قام شيخ كبير فاستقبل الحسن ثم قال: يا أبا سعيد شيخ كبير من أهل الديوان وعطائي زهيد قليل، وما فيه فضل عن قوت عيالي، وقد أخذت بفرس وسلاح ثم بكى وبكى الحسن، ثم قال: إن هذا السلطان ناصر لله ودينه وعباده، وسلطاننا قد أخفر ذمة الله واستخول عباد الله، وقتلهم على الدينار والدرهم أخذهما من خبيث، وأنفقهما في سرف، مضغة قليلة، وندامة طويلة، إذا خرج عدو الله فبغال رفّافة، وسرادقات هفّافة، وإذا خرج غيره سعى على رجله في غير كنّ. فسعي بهما إلى الحجاج فبعث حرسيا فدعا الحسن.
قال أبو نعامة فانطلقت معه فدخل على الحجاج. ومع الحجاج قضيب يخطر به، فسلم الحسن ثم قام بين يديه فقال: يا حسن أنت صاحب الكلام؟ فقال: أي الكلام أصلح الله الأمير؟ فأخبره، فقال: نعم.
قال: فما دعاك إلى هذا؟ قال: ما أخذ الله علينا في الكتاب حين قال:
﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ﴾ (١) وكان الحسن يفسرها لتكلمنّ بالحق ولتصدقن العمل. فقال الحجاج: إذهب أيها