ويقال: بست مائة درهم. فلما تزوجها رسول الله ﷺ، وهبته له. فقبضه رسول الله ﷺ وتبناه. ويقال إنّ رسول الله ﷺ كان ابتاع زيدا بالشأم لخديجة حين توجه مع ميسرة، قيّمها، فوهبته له. وكان حارثة بن شراحيل، أبو «زيد» قال فيه حين فقده:
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل … أحيّ فيرجى أم تخرّمه الأجل
فو الله ما أدرى وإن كنت سائلا … أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل
فياليت شعري هل لك الدهر رجعة … فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل (١)
تذكّرنيه الشمس عند طلوعها … وتعرض ذكراه إذا قارب الطّفل
وإن هبت الأرواح هيجن ذكره … فيا طول ما حزني عليه ويا وجل
سأعمل نصّ العيس في الأرض جاهدا … ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل
حياتي أو تأتي عليّ منيتي … وكل امرئ فان وإن غرّه الأمل
وأوصى بها كعبا وعمرا كليهما … وأوصي بزيد ثم من بعدهم جبل
يعنى بعمرو: عمرو بن الحارث بن عبد العزى بن امرئ القيس، أبو «بشر»، جد «محمد بن السائب بن بشر الكلبي النساب». ويعني بكعب: كعب بن شراحيل؛ أخا زيد لأمه. ويعنى بجبل: جبلة بن حارثة، أخا زيد، وكان أكبر من زيد. وبعضهم يجعل مكان كعب قيسا، ويقول: هو أخو حارثة.
ثم إنّ قوما من كلاب حجوا، فرأوا زيدا فعرفوه وعرفهم. فلما قدموا بلادهم، أعلموا حارثة بمكانه، وأخبروه خبره. فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل، وجبلة بن حارثة بفدائه، وقدما مكة، فسألا عن النبي ﷺ.
(١) - في هامش الأصل: بجل بمعنى حسب. انظر مادة بجل في النهاية لابن الأثير.