للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقيل: هو في المسجد. فدخلا عليه، فقالا: يا بن عبد الله وابن عبد المطلب وابن هاشم، ثم سيد قومه، أنتم أهل حرم الله بجيرانه، تفكون العاني، وتطعمون الضيف، جئناك في ابننا عندك، فامنن به علينا وأحسن في فدائه إلينا. فقال رسول الله : «فهلا غير ذلك؟ أدعوه، فأخيره.

فإن اختاركم فهو لكم بغير فداء. وإن اختارني، فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني شيئا». قالوا: قد زدتنا على النّصف، وأحسنت. فدعا رسول الله زيدا، فقال له: أتعرف هؤلاء؟ قال: نعم أبي وعمي وأخي. فقال: أنا من قد علمت؛ فاخترني أو اخترهم. فقال: ما أنا بمختار عليك أحدا. فقال له أبوه: ويحك يا زيد، أتختار العبودية على الحرية؟ قال: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالمختار عليه معه أحدا. فلما رأى رسول الله ذلك من زيد، أخرجه إلى الحجر، فقال لمن حضر: اشهدوا أن زيدا ابني أرثه ويرثني. فطابت أنفسهم. فكان زيد يدعى زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام، فزوّجه رسول الله زينب بنت جحش، وهي ابنة عمة رسول الله . فطلقها زيد، وخلف عليها رسول الله . فتكلم المنافقون، وطعنوا في ذلك، وقالوا: محمد يحرم نساء الولد وقد تزوّج امرأة ابنه. فأنزل الله ﷿: ﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ١،﴾ ونزلت: ﴿اُدْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ﴾ -يعني هو أعدل عند الله- ﴿فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ﴾ (٢).


(١) - سورة الأحزاب - الآية:٤٠.
(٢) - سورة الأحزاب - الآية:٥٥.