عشق ابن مفرّغ الحميري امرأة بالأهواز، فكان يدّان وينفق عليها، فأخذه غرماؤه غير مرّة. فقال له عبيد الله بن زياد: لئن أعادوك إليّ بعتك لهم. فعاد غرماؤه إلى تقديمه، فقال ابن زياد: بيعوه. فقال لهم أبوه:
والله ما له ثمن؛ ولكنا نسأل الناس. فأقعدوه على الطريق. فجعل الرجل. يمرّ به فيضمن عنه الألف والألفين، حتى مر به عبيد الله بن أبي بكرة فقال: كم عليك؟ قال: ثمانون ألفا. قال: هي عليّ؛ وأدّن بعدها في مالي ما شئت. فقال ابن مفرّغ.
لو شئت لم تشق ولم تبغ … عشت بأسباب أبي حاتم
عشت بأسباب الجواد الذي … لا يختم الأموال بالخاتم
ما دون معروفك قفل ولا … أنت لمن يرجوك بالحارم
الواهب الجرد بأرسانها … والحامل الثقل عن الغارم
والمطعم الناس إذا حادرت … ريح الصبا في الزمن العارم
والطاعن الطعنة يوم الوغى … يوقظ منها سنة النائم (١)
وحدثني أبو علي الحرمازي، عن أبي محمد القرشي، عن لبطة بن الفرزدق قال:
أتى أبي عبيد الله بن أبي بكرة، وعليه دين، فقضاه عنه، ووهب له عشرة آلاف درهم ومائة من الإبل. فقال فيه:
أبا حاتم ما حاتم في زمانه … ولا النيل يرمي بالسفين غواربه
(١) - ديوان يزيد بن مفرغ الحميري - ط. بيروت - مؤسسة الرسالة، ص ١٩٧ - ٢٠٠ مع فوارق.