للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسلك يا عمر. وتكلم أبو بكر فما ترك كلمة أعجبتني إلا قالها مع أمثالها حتى سكت. فقال: ما كان من خير فأنتم له أهل. ونحن، بعد، ممن نحن منه. ولن تعرف العرب الأمر إلا لهذا الحي من قريش، وقد قال :

«هذا الشأن بعدي في قريش». فقال الحباب بن المنذر، أحد بني سلمة:

قد نعرف لكم فضلكم، ولكن منا أمير ومنكم أمير، فذلك أحرى ألا يخالف أحد منا صاحبه، فإلا تفعلوا فأنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب (١). ثم قال بشير بن سعد: الأمر بيننا وبينكم كشقّ الأبلمة.

فقلت: وأنت أيضا يا أعور؟ نشدتك بالله، هل سمعت رسول الله يقول: «الأئمة من قريش»؟ قال: اللهم نعم، فرغم أنفي. قلت ففيم الكلام؟ وقال أبو بكر: أدعوكم إلى أي المهاجرين شئتم: عمر، أو غيره.

فهي التي كرهت من كلام أبي بكر؛ ولأن أقدم فيضرب عنقي أحبّ إليّ من أن أزيله عن مقام أقامه فيه رسول الله . ثم قال أبو بكر: نحن الأمراء، وأنتم الوزراء وإخواننا في الدين، وأحبّ الناس إلينا. فأذهب الله عنهم نزغ (٢) الشيطان.


(١) - الجذيل - تصغير جذل - والجذل هنا عود يكون في وسط مبرك الابل تحتك به وتستريح إليه، فتضرب العرب به المثل للرجل يستشفى برأيه وتؤخذ الراحة عنده، وعذيقها تصغير عذق، وهي النخلة بنفسها، والمرجب الذي تبنى إلى جنبه دعامة ترفده لكثرة حمله، ولعزه على أهله، وتضرب به العرب المثل في الرجل الشريف الذي يعظمه قومه. حاشية الدغمي على الاكتفا - مخطوط لدي-٢ ظ.
(٢) - نزغ الشيطان: وسوسته. القاموس.