-وحدثني عباس بن هشام عن أبيه، عن ابن خربوذ وغيره، قالوا:
كانت قريش قبل قصي تشرب من بئر (١) حفرها لؤيّ بن غالب خارج مكة، ومن حياض ومصانع على رؤوس الجبال، ومن بئر حفرها مرّة بن كعب ممايلي عرفة. فحفر قصي بئرا سماها العجول. وهي أول بئر حفرتها قريش بمكة. وفيها يقول بعض رجاز الحاج:
تروى على العجول ثم تنطلق … إنّ قصيا قد وفى وقد صدق
بالشبع للناس وريّ مغتبق
وقال آخر:
آب الحجيج طاعمين دسما … أشبعهم زيد قصي لحما
ولبنا محضا وخبزا هشما
وكان قصي ربما أطعم الثريد.
- وقال ابن الكلبي: لما قسم قصي مكة، أنزل جميع قريش مكة.
ثم إنّ بني كعب بن لؤي لما كثروا، أخرجوا بطونا من قريش إلى ظواهر مكة، فسموا قريش الظواهر. ويقال إنّ قصيا أنزل قريش البطاح داخل مكة، وأنزل قريش الظواهر مكانهم.
- قالوا: ولما قسم قصى مكة خططا ورباعا بين قريش، فاتسقت له طاعتهم، قال لهم:«يا معشر قريش، إنكم جيران الله وسكان حرمه، والحاج أضياف الله وزوّار بيته؛ فترافدوا، حتى تصنعوا لهم طعاما وشرابا في أيام الحج، ينال منه من يحتاج إليه؛ فلو اتسع مالي لجميع ذلك، لقمت به دونكم». ففرض عليهم خرجا للرفادة. فكانوا يخرجونه، ويأمر بإنفاقه على طعام الحاج وشرابهم.
(١) - من أجل آبار مكة قبل زمزم، انظر أخبار مكة - ط. مدريد ج ٢ ص ٢١٤ - ٢٢٤.