خذهما فبعهما واجعل ثمنهما في زاد وراحلة فقال الرجل: سبحان الله آخذ قائديك وسمعك وبصرك؟! فقال: هما حران إن لم تأخذهما، فأخذهما الرجل وجاء بهما إلى القوم فقالوا: جهد من مقل، ولقد أحسن وكرّم.
ثم مضى صاحب قيس بن سعد، وهو نائم فقالت جاريته من هذا؟ قال: رجل يطلب قيسا. قالت: هو الآن نائم أفلك حاجة؟ قال: نعم أنا رجل من الحاج انقطع بي فجئته ليعينني في زاد وراحلة. فقالت له:
يا سبحان الله ألا تكلمت، أنبه قيس في هذا القدر، يا غلام امض مع الرجل إلى دار النجائب، فليأخذ أي نجيب شاء، وامض معه إلى بيت الرحال فليأخذ أي رحل أحب وأت معه فلانا الصير في فليعطه ألف درهم.
فأعجبهم من قيس حكم جاريته في ماله بغير علمه.
وقال صاحب عبد الله بن جعفر يمدحه:
حباني عبد الله نفسي فداؤه … بأعيس مياد سياط مشافره
وأبيض من صافي الحديد كأنه … شهاب بدا والليل داج عساكره
فيا خير خلق الله عما ووالدا … وأكرمهم للجار حين يجاوره
سأثني بما أوليتني يابن جعفر … وما شاكر عرفا كمن هو كافره
- وحدثني أبو مسعود الكوفي، عن الكلبي، قال: قالت بنو أمية لمعاوية يا أمير المؤمنين اتعطي أحدنا مائة ألف درهم إذا أسنيت له، وتعطي ابن جعفر ما تعطيه؟ فقال: لست أعطي ابن جعفر ما أعطيه له وحده وإنما أعطيه وأعطي الناس لأنه يقسم ما يصير إليه ويجود به، وأنتم تأخذون المال فتحبسونه وتدخرونه وإنما نعطي كل امرئ على قدر مروءته وتوسعه.