أتى المدينة، فوافاه وهو يرمى مع الصبيان. فلما أصاب، قال: أنا ابن هاشم، أنا ابن سيد البطحاء. فقال له: من أنت يا غلام؟ قال: أنا شيبة بن عبد مناف (١): قال: وأنا عمك المطلب بن عبد مناف؛ وقد جئت لحملك إلى بلدك وقومك ومنزل أبيك وجوار بيت الله إن طاوعتني. وجعل يشوقه إلى مكة. فقال: يا عم، أنا معك. وقال له رجل من بني النجار:
قد علمنا أنك عمه؛ فإن أحببت فاحمله الساعة قبل أن تعلم أمه، فتدعونا إلى منعك منه فنمنعك. فانطلق به معه، حتى أدخله مكة وهو ردف له.
فكان لا يمرّ بمجلس من مجالس قريش إلا قالوا له: من هذا الغلام معك يا أبا الحارث؟ فيقول: عبد لي ابتعته. ثم أدخله منزله، فكساه. وأخذته امرأته خديجة بنت سعيد بن سعد بن سهم، فنظفته وطيبته وألبسته كسوة عمه. وأخرج إلى النديّ. فجعل أهل مكة يقولون: هذا عبد المطلب.
فغلب ذلك على اسمه. وقال المطلب بن عبد مناف:
وافيت شيبة والنجّار قد جعلت … أبناءها عنده بالنبل تنتضل
وقالت سلمى أمه:
كنا ولاة حمّه ورمّه … حتى إذا قام على أتمه
انتزعوه غيلة من أمه … وغلب الأخوال حقّ عمه
وقال المطلب:
يا سلم يا أخت بني النجّار … ما ابن أخي بالهين المعار
فاقني حياء ودعي التّماري … إني وربّ البيت ذي الأستار
لو قد شددت العيس بالأكوار … قد راح وسط النّفر السفّار
حتى يرى أبيات عبد الدار
(١) - وردت هكذا. والصواب: شيبة بن هاشم بن عبد مناف.