للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان عبد المطلب يكثر زيارة أخواله ويبرّهم (١).

- وحدثني عباس، عن أبيه، عن جده قال:

كان عبد المطلب أول من خضب بالوسمة (٢) لأن الشيب أسرع إليه.

فدخل على بعض ملوك اليمن، فأشار عليه بالخضاب. فغير شعره بالحناء، ثم علاه بالوسمة. فلما انصرف وصار بقرب مكة، جدّد خضابه. وكان قد تزودّ من الوسمة شيئا كثيرا. فدخل منزله وشعره مثل حلك الغراب.

فقالت امرأته نتيلة، وهي أم العباس، يا شيب، ما أحسن هذا الصبغ لو دام فعله. فقال عبد المطلب:

لو دام لي هذا السواد حمدته … فكان بديلا من شباب قد انصرم

تمتعت منه والحياة قصيرة … ولا بدّ من موت نتيلة أو هرم

وماذا الذي يجدي على المرء خفضه … ونعمته يوما إذا عرشه انهدم

ثم إنّ أهل مكة خضبوا بعده.

- وقال الكلبي: حجّ قوم من جذام، ففقدوا رجلا منهم اغتيل بمكة، ولقيهم حذافة بن غانم العدوي فربطوه. وقدم عبد المطلب من الطائف، وقد كفّ بصره، وأبو لهب يقود به، فهتف به حذافة. فأتاهم.

فقال: قد عرفتم تجارتي وكثرة مالي؛ وأنا أحلف لكم لأعطينكم عشرين أوقية ذهبا، أو عشرا من الإبل، وغير ذلك مما يرضيكم، وهذا ردائي رهن بذلك. فقبلوا منه، وأطلقوا حذافة. فأردفه، حتى أدخله مكة، ووفى لهم عبد المطلب بما جعل لهم. فقال:


(١) - طبقات ابن سعد - ط. دار صادر بيروت ج ١ ص ٧٩ - ٨٣. جمهره ابن الكلبي ج ١ ص ١٤ - ١٥. سيرة ابن هشام ج ١ ص ٩٦ - ٩٩.
(٢) - الوسمة: ورق النيل - أو نبات يخضب بورقه. القاموس.