أن الأحنف بن قيس لقي طلحة والزبير؛ فقالا له: بايعت عليا وآزرته فقال: نعم ألم تأمراني بذلك؟ فقالا له: إنما أنت ذباب طمع وتابع لمن غلب. فقال: يغفر الله لكما.
وقال أبو مخنف وغيره: قال عليّ لعبد الله بن عباس: سر إلى الشام فقد بعثتك عليها. فقال: ما هذا برأي؛ معاوية ابن عم عثمان وعامله والناس بالشام معه وفي طاعته، ولست آمن إن يقتلني بعثمان على الظنّة، فإن لم يقتلني تحكم علي وحبسني، ولكن اكتب إليه فمنّه وعده فإذا استقام لك الأمر بعثتني إن أردت.
وحدثنا عفان بن مسلم أبو عثمان، حدثنا الأسود بن شيبان، أنبأنا خالد بن سمير قال:
غدا علي على ابن عمر صبيحة قتل عثمان فقال: أيّم (١) أبو عبد الرحمن أيم الرجل اخرج إلينا، فقال له: هذه كتبنا قد فرغنا منها فاركب بها إلى الشام. فقال: أذكرك الله واليوم الآخر فإن هذا أمر لم أكن في أوله ولا آخره، فلئن كان أهل الشام يريدونك لتأتينّك طاعتهم وإن كانوا لا يريدونك فما أنا برادّ منهم عنك شيئا فقال: لتركبنّ طائعا أو كارها. ثم انصرف فلما أمسى دعا بنجائبه أو قال: برواحله في سواد الليل فرمى بها مكة وترك عليا يتذمّر عليه بالمدينة.
وقال أبو مخنف وغيره: قال المغيرة بن شعبة: أرى أن تقرّ معاوية على الشام وتثبت ولايته وتولي طلحة والزبير المصرين يستقيم لك الناس، فقال
(١) - أيم هنا معناها أين هو أبو عبد الرحمن، أو أين أنت. انظر النهاية لابن الأثير.