وسار طلحة والزبير وعائشة فيمن اجتمع إليهم من الناس فخرجوا في ثلاثة آلاف، منهم من أهل المدينة ومكة تسعمائة.
وسمعت عائشة في طريقها نباح كلاب فقالت: ما يقال لهذا الماء الذي نحن به؟ قالوا: الحوأب. فقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون ردّوني ردّوني فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول وعنده نساؤه: «أيتّكن ينبحها كلاب الحوأب»(١) وعزمت على الرجوع فأتاها عبد الله بن الزبير فقال:
كذب من زعم أن هذا الماء الحوأب، وجاء بخمسين من بني عامر فشهدوا وحلفوا على صدق عبد الله.
وكان مروان بن الحكم مؤذنّهم فقال: من أدعو للصلاة؟ فقال عبد الله بن الزبير: ادع أبا عبد الله. وقال محمد بن طلحة: ادع أبا محمد.
فقالت عائشة: ما لنا ولك يا مروان أتريد أن تغري بين القوم وتحمل بعضهم على بعض؟ ليصلّ أكبرهما فصلّى الزبير.
ولمّا قربت عائشة ومن معها من البصرة بعث إليهم عثمان بن حنيف عمران بن الحصين الخزاعي أبا نجيد، وأبا الأسود الديلي فلقياهم بحفر أبي موسى، فقالا لهم: فيما قدمتم؟ فقالوا: نطلب بدم عثمان وأن نجعل الأمر شورى فإنا غضبنا لكم من سوطه وعصاه أفلا نغضب له من السيف؟!
وقالا لعائشة: أمرك الله أن تقرّي في بيتك فإنك حبيس رسول الله ﷺ وحليلته وحرمته. فقالت لأبي الأسود: قد بلغني عنك يا أبا الأسود ما تقول في. فانصرف عمران وأبو الأسود الى ابن حنيف وجعل أبو الأسود يقول:
(١) - الحوأب موضع بئر في طريق البصرة. معجم البلدان.