يا بن حنيف قد أتيت فانفر … وطاعن القوم وضارب واصبر
وابرز لهم مستلئما وشمّر (١) …
فقال عثمان: أي ورب الحرمين لأفعلن.
ونادى عثمان [بن حنيف في الناس] فتسلّحوا، وأقبل طلحة والزبير وعائشة حتى دخلوا المربد مما يلي بني سليم، وجاء أهل البصرة مع عثمان ركبانا ومشاة، وخطب طلحة فقال: إن عثمان بن عفان كان من أهل السابقة والفضيلة من المهاجرين الأولين، وأحدث أحداثا نقمناها عليه فبايناه ونافرناه، ثم اعتب حين استعتبناه، فعدا عليه امرؤ ابتز هذه الأمة أمرها بغير رضى ولا مشورة فقتله، وساعده على ذلك رجال غير أبرار ولا أتقياء، فقتلوه بريئا تائبا مسلما فنحن ندعوكم إلى الطلب بدمه فإنّه الخليفة المظلوم.
وتكلم الزبير بنحو من هذا الكلام، فاختلف الناس فقال قائلون:
نطقا بالحقّ، وقال آخرون: كذبا ولهما كانا أشدّ الناس على عثمان وارتفعت الأصوات.
وأتي بعائشة على جملها في هودجها فقالت: صه صه، فخطبت بلسان ذلق وصوت جهوري، فأسكت لها الناس فقالت:
إن عثمان خليفتكم قتل مظلوما بعد أن تاب إلى ربّه وخرج من ذنبه، والله ما بلغ من فعله ما يستحلّ به دمه، فينبغي في الحق أن يؤخذ قتلته فيقتلوا به ويجعل الأمر شورى.
فقال قائلون: صدقت. وقال آخرون: كذبت حتى تضاربوا بالنعال