للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتمايزوا فصاروا فرقتين: فرقة مع عائشة وأصحابها، وفرقة مع ابن حنيف، وكان على خيل ابن حنيف حكيم بن جبلة فجعل يحمل ويقول:

خيلي إليّ أنها قريش … ليردينها نعيمها والطيش

وتأهبوا للقتال فانتهوا إلى الزابوقة، وأصبح عثمان بن حنيف فزحف إليهم فقاتلهم أشدّ قتال، فكثرت بينهم القتلى وفشت فيهم الجراح.

ثم إن الناس تداعوا إلى الصلح فكتبوا بينهم كتابا بالموادعة إلى قدوم علي على أن لا يعرض بعضهم لبعض في سوق ولا مشرعة، وان لعثمان بن حنيف دار الامارة وبيت المال والمسجد، وأن طلحة والزبير ينزلان ومن معهما حيث شاؤوا، ثم انصرف الناس وألقوا السلاح.

وتناظر طلحة والزبير فقال طلحة: والله لئن قدم علي البصرة ليأخذن بأعناقنا، فعزما على تبييت ابن حنيف وهو لا يشعر، وواطآ أصحابهما على ذلك؛ حتى إذا كانت ليلة ريح وظلمة جاؤوا إلى ابن حنيف وهو يصلي بالناس العشاء الآخرة فأخذوه وأمروا به فوطئ وطئا شديدا، ونتفوا لحيته وشاربيه فقال لهما: إن سهلا حيّ بالمدينة والله لئن شاكني شوكة ليضعنّ السيف في بني أبيكما. يخاطب بذلك طلحة والزبير فكفّا عنه وحبساه.

وبعثا عبد الله بن الزبير في جماعة إلى بيت المال وعليه قوم من السبايجة (١) يكونون أربعين، ويقال: أربعمائة فامتنعوا من تسليمه دون قدوم علي، فقتلوهم ورئيسهم أبا سلمة الزطي (٢) وكان عبدا صالحا.

وأصبح الناس وعثمان بن حنيف محبوس، فتدافع طلحة والزبير


(١) - قوم أصلهم من السند عملوا بالبصرة كمرتزقة.
(٢) - الزط هم زنوج الهند.