لما اقتتلوا يوم الجمل كانت الدبرة على أصحاب الجمل؛ فأفضى عليّ إلى الناحية التي فيها الزبير، فلما واجهه قال له: يا أبا عبد الله أتقاتلني بعد بيعتي، وما سمعت من رسول الله ﷺ في قتالك لي ظالما؟ فاستحيا وانسلّ على فرسه منصرفا إلى المدينة فلما صار بسفوان، لقيه رجل من مجاشع يقال له: النعر بن زمام فقال له: أجرني. قال النعر: أنت في جواري يا حواري رسول الله. فقال الأحنف: وا عجبا الزبير لف بين غارين من المسلمين ثم قد نجا بنفسه وهو الآن يريد أهله، فأتبعه ابن جرموز وأصحابه وهو يقول: أذكركم الله ان يفوتكم. فشدوا عليه فقتلوه، وأتى ابن جرموز عليا برأسه فأمر أن يدفن مع جسده بوادي السباع.
المدائني، عن عامر بن أبي محمد، وسعيد بن عبد الرحمن السّلمي عن أبيه:
أن الزبير بن العوام قال حين طعنه ابن جرموز: ما له قاتله الله يذكر بالله وينساه، ثمّ قال الزبير:
ولقد علمت لو انّ علمي نافعي … أن الحياة من الممات قريب
قال: وقال طلحة يوم الجمل:
صرف الزبير جواده … اما لتدركه وفاته
وحدثني خلف بن سالم، وأحمد الدورقي، انبأنا وهب بن جرير:
عن جويرية بن أسماء قال: بلغني أن الزبير حيث ولّى ولم يكن بسط يده بسيف اعترضه عمار بن ياسر بالرّمح وقال: إلى اين تريد يا أبا عبد الله، والله ما أنت بجبان ولكني أحسبك شككت. قال: هو ذلك، ومضى حتى نزل بوادي السباع فقتله ابن جرموز.