بعد إسراعنا فيكم وما خيركم بعد إسراعكم فينا، ولست أقول: ليت الحرب عادت ولكن أقول: ليتها لم تكن، وإن فينا من يكره اللقاء كما أن فيكم من يكرهه، وإنما هو أمير مطاع، أو مأمور مطيع، أو مشاور مأمون وهو أنت، فأما السفيه فليس بأهل أن يعدّ من ثقات أهل الشورى ولا خواص أهل النجوى. وكتب في آخر كتابه:
طال البلاء فما يرجى له آس … بعد الإله سوى رفق ابن عباس
قولا له قول مسرور بحظوته … لا تنس حظك إن التارك الناسي
كل لصاحبه قرن يعادله … أسد تلاقي أسودا بين أخياس
انظر فدى لك نفسي قبل قاصمة … للظهر ليس لها راق ولا آسي
أهل العراق وأهل الشام لن يجدوا … طعم الحياة لحرب ذات أنفاس
والسلم فيه بقاء ليس يجهله … إلا الجهول وما النوكى كأكياس
فلما قرأ ابن عباس الكتاب والشعر أقرأهما عليا، فقال علي: قاتل الله ابن العاص ما أغره بك، يا بن عباس أجبه، وليردّ عليه شعره فضل بن عباس بن أبي لهب. فكتب إليه عبد الله بن عباس:
أما بعد: فإني لا أعلم رجلا من العرب أقل حياء منك، إنه مال بك إلى معاوية الهوى وبعته دينك بالثمن اليسير، ثم خبطت للناس في عشواء طخياء (١) طمعا في هذا الملك، فلما لم تر شيئا أعظمت الدماء إعظام أهل الدين، وأظهرت فيها زهادة أهل الورع، ولا تريد بذلك إلا تهييب الحرب وكسر أهل العراق، فإن كنت أردت الله بذلك، فدع مصر وارجع إلى