-وحدثني العباس بن هشام، عن أبيه، عن جده محمد بن السائب الكلبي وغيره، قالوا:
كان عبد المطلب من حلماء قريش وحكّامها. وكان نديمه حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. وكان في جوار عبد المطلب يهودي، يقال له أدينة. وكان اليهودي يتسوّق في أسواق تهامة بماله، فغاظ ذلك حربا، فألّب عليه فتيانا من قريش، وقال: هذا العلج الذي يقطع إليكم ويخوض بلادكم بمال جمّ كثير من غير جوار ولا خيل؛ والله لو قتلتموه وأخذتم ماله، ما خفتم تبعة ولا عرض لكم أحد يطلب بدمه. فشدّ عليه عامر بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، وصخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، فقتلاه. فجعل عبد المطّلب لا يعرف له قاتلا. فلم يزل يبحث عن أمره، حتى علم خبره بعد.
فأتى حرب بن أمية، فأنّبه بصنيعه وطلب بدم جاره. فأجار حرب قاتليه ولم يسلمهما وأخفاهما. وطالبه عبد المطّلب بهما، فتغالظا في القول.
حتى دعاهما المحك واللجاج إلى المنافرة، فجعلا بينهما النجاشي صاحب الحبشة. فأبى أن يدخل بينهما، فجعلا بينهما نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، جدّ عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. فقال لحرب: «يا أبا عمرو، أتنافر رجلا هو أطول منك قامة، وأوسم منك وسامة، وأعظم منك هامة، وأقل منك لامة، وأكثر منك ولدا، وأجزل منك صلة، وأطول منك مذودا (١)؟ وأني لأقول هذا، وإنك لبعيد الغضب، رفيع الصيت في العرب، جلد
(١) - الذود: السوق، والطرد، والدفع. والمزود وعاء يقدم فيه الطعام أو يحمل. القاموس.