وحدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا وهب بن جرير بن حازم، حدثنا أبي عن النعمان بن راشد، عن الزهري قال:
لما بلغ معاوية أمر طلحة والزبير ومن معهما؛ دعا أهل الشام إلى القتال على الشورى والطلب بدم عثمان، فبايعوه أميرا غير خليفة، وخرج علي فاقتتلوا بصفين قتالا لم يكن في الإسلام مثله قط، فقتل من أهل الشام عبيد الله بن عمر، وذو الكلاع وحوشب وحابس بن سعد الطائي. وقتل من أهل العراق عمار، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري، وابنا بديل الخزاعي، وخزيمة بن ثابت، وابن التيهان. فلما خاف أهل الشام ظهور القوم عليهم قال عمرو لمعاوية:- وهو على القتال-: هل أنت مطيع في أمر أشير به؟ مر رجلا فلينشر المصحف، ثم يقول: يا أهل العراق بيننا وبينكم كتاب الله، ندعوكم إلى ما بين فاتحته وخاتمته، فإنك إن تفعل ذلك يختلفوا، ولا يزدد أهل الشام إلا اجتماعا وطاعة. فأمر رجلا من أهل الشام يقال له: ابن لهية فنادى بذلك، فاختلف أهل العراق فقالت طائفة منهم كرهت القتال: أجبنا إلى كتاب الله. وقالت طائفة: ألسنا على كتاب الله وبيعتنا وطلب الحق فإن كانت ها هنا شبهة أو شك فلم قاتلنا؟ فوقعت الخصومة بين أهل العراق، فلما رأى عليّ ما فيه أصحابه، وما عرض لهم من الخلاف والتنازع، ورأى وهنهم وكراهة من كره منهم القتال، قارب معاوية فيما دعا إليه فقال: قبلنا كتاب الله، نحن بيننا وبينكم كتاب الله، فقال معاوية تختارون منكم رجلا ونختار منا رجلا. فاختار أهل الشام عمرو بن العاص، واختار أهل العراق أبا موسى عبد الله بن قيس الأشعري، وكتبوا بينهم كتابا أن يحكما بكتاب الله والسنة الجامعة غير المفرقة.