للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمنّيتني قيس بن سعد سفاهة ... وأنت امرؤ لا تحتويك المقانب [١]

وأنت امرؤ جعد القفا متعكّس ... من الأقط الحوليّ شبعان كانب [٢]

إذا انتسبوا لم يعرفوا غير ثعلب ... إليهم، ومن شرّ السّباع الثعالب

وأنشدوا في مثل ذلك [٣] : [من المنسرح]

ما أعجب الدّهر في تصرّفه ... والدّهر لا تنقضي عجائبه

يبسط آمالنا فنبسطها ... ودون آمالنا نوائبه

وكم رأينا في الدّهر من أسد ... بالت على رأسه ثعالبه

ففي الثّعلب جلده، وهو كريم الوبر، وليس في الوبر أغلى من الثعلب الأسود.

وهو ضروب، ومنه الأبيض الذي لا يفصل بينه وبين الفنك، [٤] ومنه الخلنجيّ [٥] ، وهو الأعمّ.

ومن أعاجيبه أن نضيّه، وهو قضيبه في خلقة الأنبوبة، أحد شطريه عظم في صورة المثقب، والآخر عصب ولحم، ولذلك قال بشر بن المعتمر [٦] : [من السريع]

والتّتفل الرائغ إمّا نضا ... فشطر أنبوب على شطر

وهو سبع جبان جدّا، ولكنّه لفرط الخبث والحيلة يجري مع كبار السّباع.

وزعم أعرابيّ ممن يسمع منه، أنّه طارده مرّة بكلاب له، فراوغه حتّى صار في خمر [٧] ، ومرّ بمكانه فرأى ثعلبا ميّتا، وإذا هو قد زكر [٨] بطنه ونفخه، فوهّمه أنّه قد مات من يوم أو يومين. قال: فتعدّيته وشمّ رائحة الكلاب فوثب وثبة فصار في صحراء.

وفي حديث العامّة أنّه لما كثرت البراغيث في فروته، تناول بفيه إمّا صوفة وإمّا ليقة، ثم أدخل رجليه في الماء، فترفّعت عن ذلك الموضع، فما زال يغمس بدنه أوّلا


[١] المقانب: جمع مقنب، وهو من الخيل ما بين الثلاثين إلى الأربعين.
[٢] الجعد: القصير. المتعكس: المتثني غضون القفا. الأقط: لبن مجفف يابس. الكانب: الغليظ.
[٣] البيت الثالث في ربيع الأبرار ٢/٤٦٣.
[٤] الفنك: دويبة يؤخذ منها الفرو. حياة الحيوان ٢/١٧٥.
[٥] الخلنجي: الذي له خطوط وطرائق مثل الطرائق التي ترى في الخرز اليماني.
[٦] تقدم البيت ص ٤٧٠.
[٧] الخمر: ما واراك من الشجر والجبال.
[٨] زكر بطنه: ملأه بالهواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>