وسمع عمر رجلا يدعو ويقول؛ اللهمّ اجعلني من الأقلّين! قال: ما هذا الدعاء؟
قال: إنّي سمعت الله عزّ وجلّ يقول: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ
«١» وقال: وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ
«٢» . قال عمر: عليك من الدعاء بما يعرف.
وكره عمر بن عبد العزيز قول الرجل لصاحبه: ضعه تحت إبطك، وقال: هلّا قلت تحت يدك وتحت منكبك! وقال مرّة- وراث فرس بحضرة سليمان- فقال:
ارفعوا ذلك النّثيل «٣» . ولم يقل ذلك الرّوث.
وقال الحجّاج لأمّ عبد الرحمن بن الأشعث: عمدت إلى مال الله فوضعته تحت. كأنّه كره أن يقول على عادة الناس: تحت استك، فتلجلج خوفا من أن يقول قذعا أو رفثا، ثمّ قال: تحت ذيلك.
وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم:«لا يقولنّ أحدكم لمملوكه عبدي وأمتي، ولكن يقول: فتاي وفتاتي، ولا يقول المملوك ربّي وربّتي، ولكن يقول سيّدي وسيّدتي»«٤» .
وكره مطرّف بن عبد الله، قول القائل للكلب: اللهمّ أخزه.
وكره عمران بن الحصين، أن يقول الرّجل لصاحبه:«أنعم الله بك عينا» ؛ و «لا أنعم الله بك عينا» .
وقد كرهوا أشياء ممّا جاءت في الروايات لا تعرف وجوهها، فرأي أصحابنا: لا يكرهونها. ولا نستطيع الردّ عليهم، ولم نسمع لهم في ذلك أكثر من الكراهة. ولو كانوا يروون الأمور مع عللها وبرهاناتها خفّت المؤنة، ولكنّ أكثر الروايات مجرّدة، وقد اقتصروا على ظاهر اللفظ دون حكاية العلة، ودون الإخبار عن البرهان. وإن كانوا قد شاهدوا النوعين مشاهدة واحدة.
قال ابن مسعود وأبو هريرة «٥» : «لا تسمّوا العنب الكرم؛ فإنّ الكرم هو الرجل المسلم «٦» .