للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعريج والتلوين، كأنّه كره ما كانوا عليه من عادات الجاهلية. وكان أحبّ أن يقال قوس الله، فيرفع من قدره، كما يقال بيت الله، وزوّار الله، وأرض الله، وسماء الله، وأسد الله «١» .

وقالت عائشة رضي الله عنها: «قولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، ولا تقولوا: لا نبيّ بعده» فإلّا تكن ذهبت إلى نزول المسيح فما أعرف له وجها إلّا أن تكون قالت لا تغيّروا ما سمعتم، وقولوا كما قيل لكم، والفظوا بمثله سواء.

وكره ابن عمر رضي الله عنهما قول القائل: أسلمت في كذا وكذا، وقال: ليس الإسلام إلّا لله عزّ وجلّ. وهذا الكلام مجازه عند الناس سهل، وقد كرهه ابن عمر، وهو أعلم بذلك.

وكره ابن عبّاس رضي الله عنهما قول القائل: أنا كسلان.

وقال عمر: لا تسمّوا الطريق السّكّة.

وكره أبو العالية قول القائل: كنت في جنازة، وقال: قل تبعت جنازة. كأنّه ذهب إلى أنّه عنى أنّه كان في جوفها، وقال قل تبعت جنازة. والناس لا يريدون هذا، ومجاز هذا الكلام قائم، وقد كرهه أبو العالية، وهي عندي شبيه بقول من كره أن يقول: أعطاني فلان نصف درهم. وقال: إذا قلت: كيف تكيل الدقيق؟ فليس جوابه أن تقول: القفيز بدنينير، ولكن يتناول القفيز ثم يكيل به الدقيق، ويقول: هكذا الكيلة وهذا من القول مسخوط! وكره ابن عبّاس قول القائل: الناس قد انصرفوا، يريد من الصلاة، قال بل قولوا:

قد قضوا الصلاة، وقد فرغوا من الصلاة، وقد صلّوا؛ لقوله: ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ

«٢» ، قال: وكلام الناس: كان ذلك حين انصرفنا من الجنازة، وقد انصرفوا من السّوق، وانصرف الخليفة، وصرف الخليفة الناس من الدار اليوم بخير، وكنت في أوّل المنصرفين. وقد كرهه ابن عبّاس. ولو أخبرونا بعلّته انتفعنا بذلك.

وكره حبيب بن أبي ثابت، أن يقال للحائض طامث، وكره مجاهد قول القائل:

دخل رمضان، وذهب رمضان، وقال: قولوا شهر رمضان، فلعلّ رمضان اسم من أسماء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>