ومرّة وثّابا، كما قال الراعي في الحطيئة: [من الطويل]
ألا قبّح الله الحطيئة إنّه ... على كلّ ضيف ضافه فهو سالح «١»
وقعنا إليه وهو يخنق كلبه ... دع الكلب ينبح إنّما الكلب نابح
وقال أعشى بني تغلب: [من الطويل]
بكيت على زاد خبيث قريته ... ألا كلّ عبسيّ على الزاد نابح
وقال الفرزدق: [من الطويل]
ولا تنزع الأضياف إلّا إلى فتى ... إذا ما أبى أن ينبح الكلب أوقدا
(وقال الآخر:
دع الكلب ينبح إنّما الكلب نابح
وقال الآخر:
ألا كلّ كلب لا أبا لك نابح
وقال الفرزدق:
إذا ما أبى أن ينبح الكلب أوقدا) «٢»
ومتى صار الكلب يأبى النباح؟! فهذا على أنّهم يتشفّون بذكر الكلب، ويرتفقون به، لا على أنّ هذا الأمر الذي ذكروه قد كان على الحقيقة.
وقال الآخر، وهو جرير: [من الطويل]
ولو كنت في نجران أو بعماية ... إذن لأتاني من ربيعة راكب «٣»
يثير الكلاب آخر اللّيل وطؤه ... كضبّ العراد خطوه متقارب «٤»
فبات يمنّينا الربيع وصوبه ... وينظر من لقّاعة وهو كاذب «٥»
فذكر تقارب خطوه، وإخفاء حركته، وأنّه مع ذلك قد أثار الكلاب من آخر الليل، وذلك وقت نومها وراحتها، وهذا يدلّ على تيقّظها ودقّة حسّها.