للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتوني ولم أرض ما بيّتوا ... وقد طرقوني بأمر نكر

لأنكح أيّمهم منذرا ... وهل ينكح العبد حرّ لحر

ثمّ مع ذلك خطب إليه كسرى بعض بناته فرغب بها عنه، حتّى كان ذلك سبب هربه وعلّة لقتله- فهل رأيت شاعرا في ذلك الزّمان مع كثرة الشعراء فيه، ومع افتخارهم بالذي كان منهم في يوم جلولى [١] ويوم ذي قار، وفي وقائع المثنّى بن حارثة وسعد بن أبي وقّاص- فهل سمعت في ذلك بشعر صحيح طريف المخرج، كما سمعته في جميع مفاخرهم ممّا لا يداني هذا المفخر؟! ولقد خطب بعض إخوته إلى رجال من نزار، من غير أهل البيوتات، فرغبوا عنهم.

وأمّ النعمان سلمى بنت الصّائغ [٢] : يهوديّ من أنباط الشام، ثمّ كان نجله لفعل غير محمود.

وقد قال جبلة بن الأيهم، لحسّان بن ثابت: قد دخلت عليّ ورأيتني، فأين أنا من النّعمان؟ قال: والله [٣] .......

فالنّعمان مع هذه المثالب كلّها قد رغب بنفسه عن مصاهرة كسرى، وهو من أنبه الأكاسرة. وكما كان أبرويز أعظم خطرا، كانت أنفته أفخر للعرب، وأدلّ على ما يدّعون من العلوّ في النسب وكان الأمر مشهودا ظاهرا، ومردّدا على الأسماع مستفيضا. فإذ قد تهيّأ أن يكون مثل هذا الأمر الجليل، والمفخر العظيم، والعرب أفخر الأمم، ومع ذلك قد أغفلوه- فشأن مسيلمة أحقّ بأن يجوز ذلك عليه.


[١] جلولاء: طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ، وبها كانت الوقعة المشهورة على الفرس للمسلمين سنة ١٦. «معجم البلدان ٢/١٥٦» . وانظر أيام العرب ٢٩٠- ٢٩١.
[٢] في البيان ٣/٢٤٦: «سلمى بنت عقاب» ، وفي الأغاني ١١/١٣: «سلمى بنت عطية» .
[٣] ثمة نقص يمكن استدراكه من الأغاني ١٥/١٦١ «لقفاك خير من وجهه، ولشمالك خير من يمينه، ولأخمصك خير من رأسه، ولخطؤك خير من صوابه، ولصمتك خير من كلامه، ولأمك خير من أبيه، ولخدمك خير من قومه» ، وفي الأغاني ورد أن صاحب الحديث هو عمرو بن الحارث الأعرج، وليس جبلة، وأن القول الذي استدركته ينسب إلى حسان وإلى النابغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>