للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمع أنبّئك بآيات الكبر ... نوم العشيّ وسعال بالسّحر [١]

وسرعة الطّرف وضعف في النظر ... وتركي الحسناء في قبل الطّهر [٢]

وحذر أزداده إلى حذر ... والناس يبلون كما يبلى الشجر [٣]

وكان يتعجّب من القول بالهيولى.

وكان يقول: قد عرفنا مقدار رزانة [٤] البلّة. وسنعطيكم أن للبرد وزنا. أليس الذي لا تشكّون فيه أن الحر خفيف ولا وزن له، وأنه إذا دخل في جرم له وزن صار أخفّ. وإنكم لا تستطيعون أن تثبتوا لليبس من الوزن مثل ما تثبتون للبلّة. وعلى أنّ كثيرا منكم يزعم أن البرد المجمد للماء هو أيبس.

وزعم بعضهم أن البرد كثيرا ما يصاحب اليبس، وأن اليبس وحده لو حلّ بالماء لم يجمد، وأن البرد وحده لو حلّ بالماء لم يجمد، وأن الماء أيضا يجمد لاجتماعهما عليه. وفي هذا القول أن شيئين مجتمعين قد اجتمعا على الإجماد، فما تنكرون أن يجتمع شيئان على الإذابة؟!.

وإن جاز لليبس أن يجمد جاز للبلّة أن تذيب.

قال أبو إسحاق: فإن كان بعض هذه الجواهر صعّادا وبعضها نزّالا، ونحن نجد الذهب أثقل من مثله من هذه الأشياء النزّالة، فكيف يكون أثقل منها وفيه أشياء صعّادة؟!.

فإن زعموا أن الخفة إنما تكون من التّخلخل والسّخف [٥] ، وكثرة أجزاء الهواء في الجرم. فقد ينبغي أن يكون الهواء أخفّ من النار، وأن النار في الحجر، كما أن فيه هواء. والنار أقوى رفع الحجر من الهواء الذي فيه.


[١] بعده في البيان، والفاضل؛ وعيون الأخبار:
(وقلة النوم إذا الليل اعتكر ... وقلة الطعم إذا الزاد حضر)
[٢] بعده في الفاضل: (وكثرة النسيان فيما يدّكر) .
[٣] بعده في الفاضل: (فهذه أعلام آيات الكبر) .
[٤] الرزانة: النقل.
[٥] التخلخل: أن يكون الجسم غير متضام الأجزاء، والسخف: الخفة والرقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>