وقال أبو مخنف في إسناده: خرج الناس إلى صفين وهم أحباء متوادون، ورجعوا وهم أعداء متباغضون يضطربون بالسياط، يقول الخوارج: أدهنتم في أمر الله وحكمتم في كتابه، وفارقتم الجماعة. ويقول الآخرون: فارقتم إمامنا وجماعتنا، فغم عليا تباغضهم واختلافهم فجعل ينشد:
لقد عثرت عثرة لا أعتذر … سوف أكيس بعدها واستمرّ
وأجمع الأمر الشتيت المنتشر (١) …
فلما دخل علي الكوفة في شهر ربيع الأول لم يدخلوا معه وأتوا حروراء فنزلوها، وقد كانوا تتامّوا اثنا عشر ألفا، ونادى مناديهم: إن أمير القتال شبث بن ربعي، وأمير الصلاة عبد الله بن الكواء اليشكري، والأمر بعد شورى، والبيعة لله على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فسموا الحرورية لمصيرهم إلى حروراء، وعسكر علي بالنخيلة فيمن أطاعه، وكان شبث قد مال إلى الحرورية؛ ثم آب فرجع إلى علي ﵇.
وحدثني أحمد بن إبراهيم، حدثنا وهب بن جرير، عن ابن جعدبة عن صالح بن كيسان: أن عليا لما كتب كتاب القضية نفروا من ذلك، فحكم من حكم منهم، ثم افترقوا ثلاث فرق: فرجعت فرقة منهم إلى أمصارهم ومنازلهم الأولى فأقاموا بها، فكان ممن رجع الأحنف، وشبث بن ربعي، وأبو بلال مرداس بن أديه، وابن الكواء، بعد أن ناشدهم علي وقال: اصبروا على هذه القضية فإن رأيتموني قابلا الدنية فعند ذلك