فسار بهم علي إلي الأنبار، وأخذ على قرية «شاهي» ثم على «دباها» من الفلوجة، ثم إلى «دمما».
وكان الخوارج الذين قدموا من البصرة مع مسعر بن فدكي استعرضوا الناس في طريقهم، فإذا هم برجل يسوق بامرأته على حمار له، فدعوه وانتهروه ورعّبوه وقالوا له: من أنت؟ فقال: رجل مؤمن قالوا: فما اسمك؟ قال: أنا عبد الله بن خباب بن الأرت صاحب رسول الله ﷺ. فكفوا عنه، ثم قالوا له: ما تقول في علي؟ قال: أقول: إنه أمير المؤمنين، وإمام المسلمين، وقد حدثني أبي عن رسول الله ﷺ أنه قال:«ستكون فتنة يموت فيها قلب الرجل فيصبح مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا». فقالوا: والله لنقتلنك قتلة ما قتلها أحد، وأخذوه فكتفوه ثم أقبلوا به وبامرأته وهي حبلى متم حتى نزلوا تحت نخل مواقير فسقطت رطبة منها فقذفها بعضهم في فيه، فقال له رجل منهم: أبغير حلها ولا ثمن لها؟ فألقاها من فيه واخترط سيفه وجعل يهزه فمرّ به خنزير لذمي فقتله بسيفه، فقال له بعض أصحابه: إن هدا لمن الفساد في الأرض. فطلب صاحب الخنزير حتى أرضاه، فقال ابن خباب: لئن كنتم صادقين فيما أرى وأسمع إني لآمن من شرّكم. قال:
فجاؤوا به فأضجعوه على شفير نهر وألقوه على الخنزير المقتول فذبحوه عليه، فصار دمه مثل الشراك قد امذقرّ (١) في الماء، وأخذوا امرأته فبقروا بطنها وهي تقول: أما تتقون الله؟ وقتلوا ثلاث نسوة كنّ معها.
فبلغ عليا خبر ابن خباب وامرأته والنسوة، وخبر سوادي لقوه بنفّر فقتلوه، فبعث عليّ إليهم الحارث بن مرّة العبدي ليتعرف حقيقة ما بلغه
(١) - أي اختلط بالماء أو صار الدم ناحية والماء ناحية. القاموس.