منفرقين: فرقة نحو الميمنة وفرقة نحو الميسرة. وأقبلوا نحو الرجالة فاستقبلت الرماة وجوههم بالنبل حتى كأنهم معزى يتقى المطر بقرونها، ثم عطفت الخيل عليهم من الميمنة والميسرة، ونهض علي إليهم من القلب بالرماح والسيوف فما لبثوا أن أهمدوا في ساعة.
وقتل أبو أيوب الأنصاري زيد بن حصين الطائي. ويقال: بل قتله قيس بن سعد، واختصم هانئ بن خطاب وزيد بن خصفة التميمي في قتل عبد الله بن وهب الراسبي، فادّعى كل واحد منهما قتله، وقتل حنش بن ربيعة حرقوص بن زهير السعدي، وقتل عبد الله بن دجن الخولاني عبد الله بن شجرة السلمي. وكان على ميمنة الخوارج زيد بن حصين، وعلى ميسرتهم عبد الله بن شجرة.
ووقف جمرة بن سنان الأسدي في ثلاثمائة، فوقف عليّ بإزائه الأسود بن يزيد المرادي في ألفين. ويقال: أقل من ذلك.
وصار شريح بن أوفى العبسي إلى جانب جدار فقاتله على ثلمته قوم من همدان مليا من النهار، وهو يرتجز ويقول:
قد علمت جارية عبسية … ناعمة في أهلها مكفيّة
أني سأحمي ثلمتي العشية
فشدّ عليه قيس بن معاوية المرهبي فضربه فقطع رجله، فأقبل يضاربهم ويقول:
الفحل يحمي شوله معقولا … تمنعني نفسي أن أزولا
ثم شدّ عليه أيضا قيس بن معاوية فقتله، فقال الشاعر:
اقتتلت همدان يوما ورجل … اقتتلوا من غدوة حتى الأصل