أتى قوما آخرين من بني ناجية فقال: ما أنتم؟ قالوا: نصارى وقد كنا أسلمنا ثم رجعنا إلى النصرانية لعلمنا بفضلها على غيرها من الأديان.
فوضع فيهم السيف فقتل وسبى، وهم الذين باعهم عليّ من مصقلة بن هبيرة الشيباني.
قالوا: وكتب وجوه بكر بن وائل إلى مصقلة يذّمون رأيه في لحوقه بمعاوية وتركه عليا، فأقرأ معاوية الكتاب فقال له: إنك عندي لغير ظنين فلا عليك أن لا تقرئني مثل هذا.
وكان نعيم بن هبيرة أخو مصقلة من شيعة علي، فكتب إليه أن صر إليّ فقد كلمت معاوية في تأميرك واختصاصك ووطأت لك عنده ما تحب.
وبعث بالكتاب مع نصراني من نصارى تغلب يقال له: جلوان، فظهر علي عليه وعلى الكتاب، ورفع إليه أيضا انه يتجسس فأمر به فقطعت يده فمات، فقال نعيم بن هبيرة:
لا تأمنن هداك الله عن ثقة … ريب الزمان ولا تبعث كجلوانا
ماذا أردت إلى إرساله سفها … ترجو سقاط امرئ ما كان خوانا
عرّضته لعلي إنه أسد … يمشي العرضنة من آساد خفّانا
قد كنت في منظر عن ذا ومستمع … تأوي العراق وتدعى خير شيبانا
لو كنت أديت مال القوم مصطبرا … للحق أحييت بالإفضال موتانا
لكن لحقت بأهل الشام ملتمسا … فضل ابن هند وذاك الرأي أشجانا
فالآن تكثر قرع السن من ندم … وما تقول وقد كان الذي كانا
وظلت تبغضك الأحياء قاطبة … لم يرفع الله بالبغضاء إنسانا
ثم إن معاوية بعد ذلك ولّى مصقلة طبرستان وبعثه في جيش عظيم،